الجمعة، 29 أغسطس 2008

البدر يترامى إلى الأعلى


في حديث مع الفنان «خالد الشيخ» حول اختلاف كلمات أغنية «أترامى» عن الكلمات الأصلية.. قال: «إن البدر قام بهذه التغيرات بناء على طلبي».. لحظتها شعرت فقط بمدى شاعرية خالد الشيخ. فالأغنية بدأت على المقام الخماسي ومن ثم يكملها على مقام الرست. كذلك يقول الشيخ: المقام في الموسيقى العربية هو مجموعة الأصوات الموسيقية المحصورة بين صوت وتكراره. وهنا نجد أن القصيدة ذاتها ينطبق عليها هذا حتى لو لم تلحن!. هنا يكمن تمرس -البدر- للموسيقى في النص وشاعرية الشيخ.
ولكل مقام من المقامات العربية ما يميزه عن المقامات الأخرى، وذلك ناشئ عن اختلاف الأبعاد (المسافات الصوتية) بين درجاته الموسيقية.
البدر في المقطع الأول حدد إيقاع الأغنية، حيث إن الإيقاع أحد مقومات المقام الأساسية فكل مقام مرتبط بوزن معين لايجوز تغييره.. وهنا يكمن التوزان الذي يحدث بين النص الغنائي وبين المقام الموسيقي..
المقام الخماسي وهو أشهر المقامات في الموسيقى السودانية لانه مقام يشكل كل صوت فيه مركزا قائما بذاته، فتصبح اصواته خمسة مضروبة في خمسة، والناتج خمسة وعشرون صوتا، فنجد عند سماع هذا المقطع:


«أترامى
لأجلك أنتي أترامى
يانجوم الليل ضيك
.. عن مدى شوفي تسامى»


الكلمات تهبك هذا الإيحاء الموسيقى.. لا أعلم ان كان البدر فعلا تعلم الموسيقى أم تشرب الموسيقى بالفطره. فكل الدلالات تثبت أن عبقرية البدر لم تقتصر على كتابة النص فقط.
فهو عندما قام بتغيير بعض المقاطع والجمل من النص الأصلي أحدث مفارقة كبيرة في النصين فمقدمة النص قبل ان تكون أغنية كانت:


«أترامى .. هذي عاداتي
في كل العمر مره أترامى
وصدقيني في حياتي
ماهقيت أني عقاب أو يمامة»


الآن أصبحت المقارنة واضحة بأن التغيير كان من صالح الأغنية.. وأن البدر قادر على خلق عالم مختلف للجميع لا يشبهه أحد سواه.
قال البدر يوماً -بعد ان توقف عن كتابة النصوص الغنائية لفترة طويلة- : «اني مشتاق الى كتابة نص غنائي».. هذا يعني انه مدرك تماماً ماهي «الأغنية» . في وقت لا يدرك الآخرون ما الفرق بين نص وآخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق