الخميس، 3 يوليو 2008

ابن عبدوس.. شاعر غير شعبي



كانت " هي " مبدعة .. و كان " هو " مبدع !

كانت "هي " مرهفة الإحساس على طريقة أخرى تختلف عن الطريقة الشعبية ..

و كان هو كذلك أيضا و على طريقته غير الشعبية !

كانت " هي " أديبة .. جميلة الشكل .. شريفة الأصل .. عريقة الحسب .. نادرة زمانها ظرفًا وحسنًا وأدبًا" .. جزلة القول،

مطبوعة الشعر، تساجل الأدباء، وتفوق البرعاء !

كان " هو " أبرز شعراء زمانه و مكانه وأجملهم شعرًا وأدقهم وصفًا وأصفاهم خيالا، كما تميزت كتاباته النثرية بالجودة والبلاغة !

كانت " هي " شاعرة , و لكنها ليست من بنات الساحة الشعبية بل من بنات البيت الأموي ..

كانت " هي " ولاّدة بنت المستكفي !و كان هو شاعر , و لكنه ليس من شباب الساحة الشعبية بل من شباب قرطبة و تلك النخبة التي أسست الأدب الأندلسي العريق ..

كان " هو " أبن زيدون

من شدة ولعها و اهتمامها بالأدب و الثقافة .. حولت ولاّدة قصرها إلى صالون أدبي و فتحت أبوابه للأدباء والشعراء و المثقفين .. فأقبل الجميع بشغف على منتداها الأدبي الذي يختلف هو و أعضائه جملة و تفصيلا عن منتديات بعض شاعرات الساحة الشعبية و أعضاء تلك المنتديات .و كان أبن زيدون أحد الشعراء غير الشعبيين الذين ارتادوا منتداها الأدبي , و كان يتودد إليها و لكن ليس عن طريق الرسائل الخاصة .. و إنما عن طريق رسائل غير شعبية اعتبرت من عيون الأدب العربي !و كان هناك شاعرا يدعى ( أبن عبدوس ) و هو على الرغم من حمله لهذا الاسم إلا أنه لم يكن شاعرا شعبيا .. و كان هذا الرجل أكبر منافس لأبن زيدون في حبه لولاّدة .. و أرسل لها برسالة يستميلها إليه، فلما علم "ابن زيدون" كتب إليه رسالة على لسان "ولادة" وهي المعروفة بالرسالة الهزلية، التي سخر منه فيها، وجعله أضحوكة على كل لسان، وهو ما أثار حفيظته على "ابن زيدون" فصرف جهده إلى تأليب الأمير عليه حتى سجنه، وأصبح الطريق خاليًا أمام "ابن عبدوس" ليسترد مودة "ولادة" !هنا فقط نتذكر مكائد الساحة الشعبية ( يع ) .. مع اختلاف أن مكيدة أبن زيدون نتج عنها عمل أدبي و كانت من أجل ولاّدة لا من أجل شاعرة شعبية .. أما مكائد الساحة الشعبية فلا ينتج عنها سوى أعمال غير أدبية و غير مؤدبة لأهداف غير أدبية و غير مؤدبة !في الحقيقة ولاّدة تستحق أن يسجن أبن زيدون و يضحي من أجلها , و أبن زيدون أيضا يستحق أن تضحي ولاّدة من أجله , و يكفيها النونية الشهيرة التي تعتبر من عيون الشعر في الغزل .. فبعد فراره من سجنه بقرطبة إلى أشبيلية , أعياه الحنين فأرسل إليها بتلك الدرة الفريدة التي يقول في مطلعها:


أضحى التنائي بديلا من تدانينا .... و ناب عن طيب لقيانا تجافينا


كم هو رائع أبن زيدون .. و كم هي تستحق ولاّدة ..و كم هو مقرف أبن ( شعبون )

و كم هي تستحق قرفه ابنة ( شعبونة ) !

( شعبون و شعبونة ) = كناية عن الساحة الشعبية و ما يتم بها سواء من تحت اللحاف أو من فوقه !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق